شرعَ اللة عزَّ وجلَّ-ذبحَ بهائمَ الأنعامِ يومَ النحرِ وأيامَ التشريقِ بنيةِ التقربِ إليهِ، وقد جعل لذلك عددًا من الأحكامِ المتعلقة بها، منها التسميةُ عندَ الذبحِ، فما هي صيغةُ التسميةُ المعتبرة شرعًا؟ وهل هي واجبة أم مستحبة؟ وهل تسقطُ بالنسيانِ أو الجهلِ؟ وما هي شروطُ التسميةِ؟ كلُّ هذه الأسئلة سيجد القارئ الإجابة عليها في هذا المقال .
الطريقة الصحيحة للتسمية على الاضحية
لقد تباينت آراءُ أهلِ العلمِ في كيفيةِ التسميةِ على الأضحيةِ من حيث الصيغة، وفي هذه الفقرةِ من هذا المقالِ سيتمُّ تفصيلُ ذلك
- القول الأول: ذهب بعض أهل العلمِ إلى أنَّ صيغةَ التسميةُ المعتبرةُ شرعًا هي (بسمِ اللهِ)، وقد استدلَّ أصحاب هذا القولِ بعددٍ من الأدلةِ، وفيما يأتي بيانها:
- قول الله تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ۗ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ).
- قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما أنْهَرَ الدَّمَ وذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عليه، فَكُلْ).
- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يستعملُ هذا اللفظُ، بالإضافةَ إلى أنَّ هذه الصيغة هي الصيغة المستعملة على مرِّ العصورِ.
- القول الثاني: ذهب آخرونَ من أهلِ العلمِ إلى أنَّ صيغةَ التسميةِ تكونُ بأيِّ اسمٍ من أسماءِ الله الحسنى، وإنَّ حجةَ أصحاب هذا القولِ هو أنَّ العلة من ذكر اسمِ اللهِ على الأضحيةِ هي تعظيمُ الله -عزَّ وجلَّ- عند التذكيةِ، وإنَّ التعظيمَ يحصلُ بكلِّ اسمٍ من أسماءِ الله تباركَ وتعالى.
حكم التسمية على الأضحية
تباينت آراءُ أهلِ العلمِ في حكمِ التسميةِ على الذبيحةِ كما يلي:
القول الأول
ذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى وجوبِ التسميةِ على الأضحيةِ، مستدلينَ على ذلك بقول الله تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ۗ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ)،[5] لكن لو تركَ المسلمُ التسميةَ سهوًا فيكونُ الأكلُ منها مباحًا، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ تعالى وضع عن أُمَّتي الخطأَ، و النسيانَ، وما اسْتُكرِهوا عليه).
القول الثاني
ذهب الشافعية إلى أنَّ التسميةَ عندَ الذبحِ سنةٌ، وهذا القول هو رواية أخرى عن الإمامِ أحمد بن حنبل، وقد استدلَّ أصحاب هذا القولِ بعددٍ من الأدلةِ، وفيما يأتي ذكرها:
- ما رُوي عن كعب بن مالك -رضي الله عنه- حيث قال: (أنَّهُ كَانَتْ لهمْ غَنَمٌ تَرْعَى بسَلْعٍ، فأبْصَرَتْ جَارِيَةٌ لَنَا بشَاةٍ مِن غَنَمِنَا مَوْتًا، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا به، فَقالَ لهمْ: لا تَأْكُلُوا حتَّى أَسْأَلَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -أَوْ أُرْسِلَ إلى النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- مَن يَسْأَلُهُ- وَأنَّهُ سَأَلَ النَّبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- عن ذَاكَ -أَوْ أَرْسَلَ- فأمَرَهُ بأَكْلِهَا).
- إن الله -عزَّ وجلَّ- قد أباحَ للمسلمينَ من أكلِ ذبائحَ أهلِ الكتابِ، بالرغمِ من عدمِ تسميتهم عليها.
القول الثالث
ذهب أهل الظاهر إلى أنَّ التسميةَ شرطٌ من شروطِ صحةِ الأضحيةِ، فلا تسقطُ عمدًا ولا سهوًا ولا جهلًا، وقد استدلَّ الظاهريةُ على قولهم بعددٍ من الأدلةِ، وفيما يأتي ذكرها:
- قول الله تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ۗ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ).
- قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما أنْهَرَ الدَّمَ وذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عليه، فَكُلْ).
شروط التسمية عند التضحية
يُشترطُ في التسميةِ عند ذبحِ الأضحيةِ عددٌ من الشروطِ، وفيما يأتي بيانها:
- أن تكونَ التسميةُ من الذابحِ، فلو سمَّى غيره وهو ساكتٌ ذاكرٌ، فإنَّ ذبيحته لا تحلُّ عند من أوجب التسميةَ.
- أن تكونَ نيته عندَ النطقِ بالتسميةِ هي التسميةُ على الذبيحةِ وليس افتتاحَ العملِ.
- أن لا يشوب تعظيمَ الله -عزَّ وجلَّ- بالتسميةِ معنى آخرَ، كالدعاءِ.
- أن يعيَّن بالتسميةِ الذبيحةَ؛ إذ أنَّ ذكر اسمِ الله عليها لا يتحقق إلا بذلك.
وبذلك نكون قد وصلنا إلى ختام هذا المقال، والذي كان بعنوان طريقة التسمية على الاضحية، وفيهِ عرضنا الصيغةِ المعتبرةِ شرعًا وأقوال العلماءِ فيها، مع ذكرِ أدلةِ كلِّ فريقٍ، كما تمَّ بيانُ حكمِ التسميةِ على الذبيحةِ عند الأئمة الأربعة وأهل الظاهر، تمَّ بيانُ شروطِ التسميةِ عند التضحيةِ.والى اللقاء في مقال جديد من موقع خذها صح .