معلومٌ أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد حثَّ على الأعمالِ الصالحةِ في العشرِ من ذِي الحجةِ، ومعلومٌ أنَّ الصيامَ يعدُّ عملًا صالحًا، لكن هل هو سنةٌ في هذه الأيامِ؟ وما الدليل الشرعي؟ وما هي الأحكامُ المتعلقةُ بصيامِ العشرِ؟ وما فضلُ هذه الأيامِ؟ وما سبب أفضليتها على غيرها من الأيامِ؟ كلُّ هذه الأسئلة سنجيب عليها في مقالتنا لهذا اليوم
حكم صيام العشر من ذي الحجة
عدَّ أهلُ العلمِ صيامَ العشرِ منْ ذِي الحجةِ سنةٌ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مستدلينَ على ذلك بما روته السيدة حفصة -رضي الله عنها- حيث قالت: (أربعٌ لم يَكُن يدعُهُنَّ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : صيامَ عاشورا ، والعَشرَ ، وثلاثةَ أيَّامٍ مِن كلِّ شهرٍ ورَكعتَينِ قبلَ الغداةِ)،وإن كان هذا الحديث ضعيفًا، إلَّا أنَّ الصيامَ يدخل في جملة الأعمالِ الصالحةِ التي حثَّ النبيُّ عليها في هذه الأيامِ الفضيلة.
تعارض حديثان عن النبي في حكم صيام العشر من ذي الحجة
لقد وردَ في السنة النبوية المطهرة حديثانِ ظاهرهما التعارضِ، وهنَّ: الحديث الذي روته حفصة، حيث قالت: (أربعٌ لم يَكُن يدعُهُنَّ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : صيامَ عاشورا ، والعَشرَ ، وثلاثةَ أيَّامٍ مِن كلِّ شهرٍ ورَكعتَينِ قبلَ الغداةِ)، والحديث الذي روته عائشة، حيث قالت: (ما رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَائِمًا في العَشْرِ قَطُّ)، وقد وفق أهلُ العلمِ بينَ هذينِ الحديثينِ، وفيما يأتي بيان ذلك:
- أنَّ بعض أهل العلمِ قاموا بتضعيفِ حديثِ حفصة.
- والبعض الاخر ذهبوا إلى أنَّ قصد عائشة أنَّ النبيَّ لم يصم هذه الأيامِ بسببِ عارضٍ من سفرٍ ومرضٍ وغيره.
- وبعضهم قالو أنَّ عدمَ رؤية عائشة لصيامِ النبيِّ لا يستلزم عدم صومهِ لهذه الأيامِ؛ إذ أنَّ الصيامَ من الأعمالِ التي يُخفى أمرها.
بعض الأحكام المتعلقة بصيام العشر من ذي الحجة
في هذه الفقرة من هذا المقال، سيتمُّ ذكرُ عددٍ من الأحكامِ الشرعيةِ المتعلقةِ بصيامِ هذه الأيامِ الفضيلةِ، وفيما يأتي ذلك:
- يبدأ صيامُ العشرِ من أولِ يومٍ من شهرِ ذِي الحجةِ، حتى اليومَ التاسعَ منه.
- يحرم على المسلمِ صيامَ اليومِ العاشرِ من ذي الحجةِ؛ إذ أنَّه يُوافق يومَ عيدِ الأضحى.
- يجوزُ للمسلمِ صيامَ العشرِ من ذِي الحجةِ بنيةِ القضاءِ، وقد ذهب عمرُ بن الخطابِ إلى استحبابِ ذلك.
- لا يُشترطُ عند جمهورِ أهلِ العلمِ تبييت نيةِ صيامِ العشرِ من ذي الحجةِ قبل الفجرِ.
فضل العشر الأوائل من ذي الحجة
إنَّ لهذه الأيامُ فضلٌ عظيمٌ ومكانة رفيعة في الشرع الحنيفِ، وفيما يأتي بيان ذلك:
- لقد أقسم الله -عزَّ وجلَّ- بهذه الأيامِ، حيث قال الله تعالى: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ)،ومعلومٌ أنَّ الإقسامَ بشيءٍ دليلٌ صريحٌ على أهميته وعظم مكانته.
- لقد بيَّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منزلة هذه الأيام، وفضلَ العملِ فيهنَّ حيث قال: ( ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ).
- أنَّ فيها يومَ عرفة، وهو يومٌ فضيلٌ، توعدَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من صامه بمغفرةِ ذنوب سنتين، ودليل ذلك الحديث الذي رواه أبو قتادة حيث قال: (وَسُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ عَرَفَةَ، فَقالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ).
- أنَّ فيها عبادةٌ عظيمةٌ ووالتي تعدُّ ركنًا من أركانِ الإسلامِ الخمسةِ، وهي أداءُ مناسكَ الحجِّ.
ماهو سبب تفضيل العشر من ذي الحجة
يرجعُ سببُ تفضيل أيامِ العشرِ من ذِي الحجةِ الى اجتماع أمَّهاتِ العباداتِ في هذه الأيامِ الفضيلةِ، حيثُ يُصلِّي المسلمَ فيها، ويتصدَّق ويصومُ، ويذكر ربَّه ويؤدي مناسكَ الحجِّ، ويقومُ بذبحِ الأضاحي، وهذه جميعها لا تجتمعَ في أيامٍ غيرَ أيّامِ العشرِ من ذِي الحجةِ، والله تعالى أعلم
وبذلك تمَّ الوصول إلى ختام هذه المقالة، والتي كانت بعنوان حكم صيام العشر من ذي الحجة ، وفيه تمَّ بيانُ استحبابِ صيامِ هذه الأيامِ الفضيلة، كما تمَّ بيان بعض الأحكامِ المتعلقةِ بصيامِ هذه الأيامِ، ثمَّ تمَّ بيان فضلِ هذه الأيامِ وسبب تفضيلها عن باقي الايام والى اللقاء في مقالة جديدة ومفيدة من موقعنا خذها صح .....