حكم المبيت بمنى ايام التشريق

إنَّ الله -عزَّ وجلَّ- شرع الحجَّ، وجعل له عددٌ من المناسكِ، والأعمالِ التي يجب على الحاجِّ القيام بها ومنها المبيتَ بمنىً ليالي أيَّامِ التشريقِ، لكن هل المبيتَ مسنونٌ أم واجب؟ وما هي المدة التي يحصل بها المبيتُ في منىً أيامَ التشريقِ؟ هذا ماسيجده القارئ في السطور التالية .

أراء العلماء في ايام التشريق

تباينت آراءُ أهلِ العلمِ في حكمِ المبيتِ بمنىً في ليالي التشريقِ، وفي هذه الفقرةِ سيتمُّ بيانُ تلكَ الآراء بشيءٍ من التفصيلِ، وفيما يأتي ذلك:

الرأي الأول

إنَّ المبيت بمنى ليالي التشريق يعدُّ سنةً عند فقهاءِ الحنفيةِ، حيث أنَّ إقامةَ الحاجِّ بمنىً للرميِ أفضلَ، لكن لو لم يقيمَ فيها فلا شيءَ عليهِ، والله تعالى أعلم، وقد استدلَّ فقهاء الحنفيةِ على قولهم هذا بأنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان قد رخَّص للعباسِ أن يبيتَ بمكةَ للسقايةِ.

الرأي الثاني

إنَّ المبيت بمنى ليالي التشريق يعدُّ واجبًا عند فقهاء المالكية والشافعية، وإنَّ من تركَ المبيتَ فيها يلزمه الدمُ عندهم، وفيما يأتي تفصيلُ أقوالِ فقهاءِ كلا المذهبينِ:

• المالكية: إنَّ المبيتَ بمنىً ليالي التشريقِ يعدُّ واجبًا، إلَّا أنَّه يرخَّص عدمُ المبيتِ لاثنانِ عندهم، وهم:
  • لراعي الإبلِ بعد رميِ جمارِ العقبةِ يومَ النحرِ أن ينصرفَ إلى رعيهِ،
  • فيتركُ المبيتُ في هاتينِ الليلتينِ، ويأتي في اليومِ الثالث فيرمي لليومينِ،
  • اليومَ الثاني الذي فاته، واليومَ الثالث الذي هو فيه.
  • لصاحبِ السقايةِ عدمَ المبيتِ ليلًا، لكن لا بدَّ من حضوره نهارًا؛
  • إذ أنَّ الماءَ يُنزع من زمزم ليلًا للسقايةِ.
• الشافعية: إنَّ المبيتَ بمنىً لياليَ التشريقَ يعدُّ واجبًا، إلَّا أنَّه يرخَّص للبعضِ، وهم:
  • الرعاء وأهل السقايةِ، لأنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
  • رخّص لرعاء الإبل أن يتركوا المبيتَ بمنىً،
  • كما أنَّه رخَّص للعباسِ المبيتَ ليالي التشريقَ بمنىً لأجلِ السقايةِ.
  • لأصحاب الأعذارِ من المرضى الذين يشقُّ عليهم المبيتَ بمنىً،
  • ولمن معه مريضٌ يعتني به ولا يستطيعُ الإقامةَ بمنىً، ولأصحابِ المال الذي يخشونَ ضياعه.

المدة الزمنية لمبيت الحاج في منى

إنَّ المعتمد لدى دائرةُ الإفتاءِ الأردنية أنَّ المبيتَ في منىً أيامَ التشريقِ يحصلُ بمكوثِ الحاجِّ أكثر ساعاتِ الليلِ؛ وهذا مذهب المالكيةِ وهو القول الأصحُّ عند فقهاءِ الشافعيةِ؛ وذلك لأنَّ معنى المبيتَ ومسمَّاه لا يحصلُ إلَّا بمرورِ معظَّمِ الليلِ، والله تعالى أعلم.